تلاشي التنوع الثقافي- هل نفقد تراث الإنسانية؟

المؤلف: مي خالد11.01.2025
تلاشي التنوع الثقافي- هل نفقد تراث الإنسانية؟

لست واثقاً ممّا إذا كانت هذه ملاحظة شائعة أم مجرّد تصور شخصي، لكنني لاحظت أن الآراء، التحليلات، والتعليقات التي أقرأها على منصات الإنترنت حول آخر الأخبار الدولية، تتكرر بنفس الصياغة في النقاشات الواقعية. يبدو أن الجميع يتفقون بشكل شبه كامل على معايير الصواب والخطأ، بل والأكثر من ذلك، هناك إجماع متزايد حول مفهومي الخير والشر. لقد تلاشى التنوع، ولم أعد أستمع إلى وجهات نظر متباينة. حتى اللهجات المحلية بدأت في الاختفاء تدريجياً، فمعظم المشاهير العرب على الإنترنت يتحدثون بلهجة موحدة تكاد تكون "بيضاء".

وفقاً لليونسكو، يعتبر التنوع الثقافي "الإرث الأثمن للإنسانية"، ومع ذلك، نشهد سنوياً اختفاء المئات من الثقافات كنتيجة لعملية العولمة المتسارعة التي لا يمكن إيقافها، والتي تعمل على توحيد وجهات النظر العالمية وتبسيط تفسيرات البشر للعالم.

على الرغم من ذلك، تشير بيانات الأمم المتحدة إلى وجود عشرات الآلاف من الثقافات المختلفة على كوكبنا، والعديد منها يواجه خطر الزوال. لا تزال نيجيريا تحتضن أكثر من 500 لغة حية، وتضم غينيا الجديدة ما يقارب 7000 مجتمع فريد.

ولكن ما هو مدى إلمامنا بهذه المجتمعات التقليدية؟ وما هو مستوى تقديرنا لهذا التنوع الثقافي الغني؟ ففي كل عام، يتم شطب ما يقارب 25 لغة من قائمة اللغات الحية لتنضم إلى قائمة اللغات الميتة.

ألا يجب علينا مقاومة هذا التدهور الثقافي؟ نعلم جيداً أن التنوع الجيني يعزز قدرتنا على البقاء كنوع، ولكن قد لا يكون الأمر واضحاً بنفس القدر فيما يتعلق بأهمية وجود نطاق واسع من وجهات النظر لتفسير العالم. هذا التنوع يمكّننا من أن نكون أكثر مرونة في مواجهة التحديات الصعبة التي تعترض طريقنا أو التي تهدد وجودنا. فإذا كنا نسعى جاهدين لمنع انقراض الأنواع الحية، ألا يجدر بنا أن نبذل نفس الجهود للحفاظ على الثقافات المهددة بالانقراض؟

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة